الخميس، ديسمبر ٢٠، ٢٠٠٧

الحرب في غزة آتية لا محالة



اليكس فيشمان- يديعوتمراسل عسكريعندما سنعود الى غزة – أين سننشيء المعتقل؟ في داخل القطاع أم خارجه؟ وماذا عن وحدات الحكم العسكري – هل سنعود الى وضع 1967 وندخلها الى المنطقة؟ وماذا عن فتح المدارس في اشهر الاحتلال؟ ومن الذي سيشغل المستشفيات ويراقب تراخيص المرور؟.هذه الاسئلة لا تقذف في الهواء عبثا. هي وسلسلة طويلة اخرى من القضايا تبحث اليوم في الغرف المغلقة التابعة لجهاز الامن. الصورة تتضح رويدا رويدا. من الواضح للجميع أن حربا واحدة محيرة من دون تمحيص وتدقيق واهداف واضحة واسئلة بلا اجابات كانت كافية لنا. لا يرغب أي أحد في الظهور بمظهر المتفاجيء – الجميع يريدون ان يكونوا مستعدين للحرب القادمة: حرب غزة. صحيح ان المستوى السياسي لم يعط بعد ضوءا اخضر للقضاء على حكم حماس في غزة. السياسيون يحاولون كسب بعض الوقت، وجهاز الامن ايضا ما زال بحاجة لفترة نضوج قبل اللحظة الحاسمة. ولكن الجانبين على قناعة بأن هذه اللحظة قريبة جدا، وان وصول مدى صواريخ القسام الى اسدود وكريات غات واوفاكيم هو مسألة اشهر فقط. كما يدركون ان المفاوضات أو الهدنة مع حماس ليست خيارا مطروحا، وان الحل العسكري هو الامكانية الوحيدة المتبقية.المواعيد ايضا تتضح هي الاخرى. لدى الجيش أوامر للاستعداد لدخول غزة، والهدف هو استكمال التدريبات والتحضيرات. القوات ومن ضمنها قوات الاحتياط تدربت في شباط، وهي تواصل مساعيها وملاءمة خططها. الجميع – في الجيش والمستوى السياسي والادارة المدنية و"الشباك" ووزارة الدفاع، على ثقة بان الامر سيحدث ان عاجلا أو آجلا. وزير الدفاع اهود براك يقول ذلك صراحة: "لن يكون مفر من دخول غزة". ما يشغل بال كل الاطراف ذات العلاقة هو مرحلة ما بعد دخول غزة. الباحثون والمختصون يسألون ويفكرون بما يتوجب فعله ولمن سيتم تسليم المنطقة. لأبو مازن؟ أم لمجلس الأمن؟ أم للامريكيين؟. درجة التدخل الدولي هي مسألة منفصلة بحد ذاتها في مواجهة خيار القوات متعددة الجنسيات التي سترسل من قبل مجلس الامن لمساعدة أبو مازن، هناك دائما امكانية اضطرار السلطة للعيش بالاعتماد على بنادق الجيش الاسرائيلي – الذي سيبقى في القطاع. وعموما لا يمكن لأحد ان يضمن ان يأخذ أبو مازن بالحسبان التعاون مع الاحتلال المتجدد لغزة. في الاسبوع الماضي خلال لقاء مع وزراء الخارجية الاوروبيين صرحت تسيبي لفني بأن هناك مكانا لدخول قوات متعددة الجنسيات الى غزة. هذا التصريح هو طرف جبل جليد الافكار والخطط التي تتبلور الان في وزارة الخارجية – وليس فيها وحدها. ولكن من قبل ان يحدث كل ذلك، كما أسلفنا، هناك عدة تحضيرات هامة وهي تحتاج المزيد من الوقت، وكل ما نفعله في هذه الاثناء ليس اكثر من محاولة لكسب هذا الوقت. في ديوان براك مستعدون للاعتراف بأن الخطوات الضاغطة على السكان في غزة ليست بالضرورة وصفة مدهشة، كما ان وزارة الدفاع على قناعة بأن قطع التيار الكهربائي ليس ناجعا. ولكن هذه الخطوات تظهر اسرائيل في مظهر من يرد ويفعل شيئا وتضفي شعورا بأن أحدا ما يسعى الى حل المشكلة. هذا المشهد الخارجي يخفض الضغط الشعبي عن السياسيين بعض الشيء، ويتيح لوزير الدفاع ولرئيس الوزراء ان يوجها قرار الهجوم على غزة بالطريقة الملائمة. المفاوضات مع حماس على أية حال لا تبدو خيارا محتملا الان. الاحاديث عن ذلك تبدو اليوم في أروقة الحكومة ساذجة في المجمل. "حماس ايضا ترفض التوجه للممثلين الاسرائيليين حتى في الامور الانسانية الطارئة، فهي تعتبر أي اتصال مع الاسرائيليين اعترافا بهم، وموافقة اسرائيل على عرض الهدنة من خالد مشعل تعني اعطاء حماس فرصة لبناء قوتها عند حدودها، كما حدث مع نصر الله سابقا، واسرائيل لا تملك خيارات كثيرة. نحن الان في مرحلة ما قبل الحرب"، يقول مصدر بارز في وزارة الدفاع الاسرائيلية.الصواريخ تتطور والساعة في غزة تتكتك. حماس على ما يبدو استكملت تجاربها على الصواريخ ذات مدى 14 – 15 كيلومترا. ما تبقى فقط هو ان تقرر متى وفي أي وضع يجدر بها ان تبدأ في الانتاج المتسلسل. أجنحة هذه الصواريخ اكثر تطورا وتحليقها اكثر دقة والرأس اكبر من السابق. حماس استخدمت في جزء من الصواريخ التي أطلقت على اسرائيل رؤوسا تحمل 8 كيلوغرامات من المواد الناسفة المعيارية. اذا كان القسام في السابق قد وصل الى مدى كيلومترين، وفي اسرائيل سخروا منه، فقد أصبحت صناعة السلاح في حماس تنتج اليوم صاروخا هو على درجة كبيرة من الشبه بالكاتيوشا الروسية. في عام 2008 القادم ستعكف حماس على الانتاج المكثف لهذا الصاروخ. الانتقال الان من مدى 15 كم الى مدى 20 كم التي تصل الى كريات غات واسدود ونتيفوت وعشرات التجمعات الاخرى – هو مسألة تتعلق ببذل المزيد من الجهود والمزيد من الاشهر. ولكن ما سيتغير ليس المدى فقط، وانما الشدة والدقة. من الان هناك تغير جوهري ايضا في المواد الناسفة. بفضل التغير الان في هذه المواد وعمليات الانتاج اصبح من الممكن تخزين الصواريخ وهي جاهزة للاطلاق الفوري لعدة اشهر، هذا يعني ان حماس ستتمكن من تخزين الصواريخ والقيام في اللحظة الملائمة باطلاق 30 – 40 صاروخا في اليوم. المصادر الرفيعة في سلاح الجو تؤكد انه لن يكون لدولة اسرائيل في عام 2008 حل ملائم لمشكلة الصواريخ قصيرة المدى، سواء كانت كاتيوشا أو قسام، وقمع عملية اطلاق الصواريخ لن يكون ممكنا إلا من خلال هجمة على عدة جبهات، جوا وبرا، الامر الذي يبعد من يقومون باطلاق الصواريخ الى عمق القطاع ويشكل ضربة لسلسلة الانتاج.
تاريخ الخبر : 16/12/2007